لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
+3
**saad**
جهاد سلامة
alaa_eg
7 مشترك
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
27/10/12, 03:03 am
تضمن القرآن الكريم عدداً من الآيات التي تؤسس لأصول التعامل الاقتصادي بين الناس، وتنظم حركة المجتمع اقتصادياً؛ سعياً لبناء مجتمع آمن مطمئن مستقر، ما يعود بالخير والنفع على الناس في الدنيا قبل الآخرة.
ومن الآيات الواردة في هذا السبيل، قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} (النساء:29).
في هذه الآية الكريمة ينهى سبحانه عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً بغير وجه مشروع، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف المعاملات المالية، التي لا تتفق وأصول الشرع الحنيف.
وعلى عادة الشرع في أحكامه وتشريعاته، فإنه لا يسد باباً للحرام، إلا ويفتح مقابله باباً للحلال، فلما نهى سبحانه عباده عن الكسب الحرام غير المشروع، أباح لهم طريقاً آخر للكسب الحلال المشروع، وهو طريق التجارة، ونحوها من الطرق التي أقرها الشرع الحنيف للتعامل المالي بين عباده، وبيَّن سبحانه في ختام الآية أنه إنما حرَّم عليهم ما حرَّم، وأحل لهم ما أحل من باب الرحمة بهم، هذه الرحمة التي تشمل سعادتهم في الدنيا والآخرة.
بعد بيان المعنى الإجمالي للآية، نقف بضع وقفات، لكشف المزيد من المراد من هذه الآية:
الوقفة الأولى: ليس المراد من {لا تأكلوا} الأكل خاصة؛ لأن غير الأكل من التصرفات، كالأكل في هذا الباب، لكنه لما كان المقصود الأعظم من المال إنما هو الأكل، قالوا لمن ينفق ماله: إنه أكله، ووقع التعبير بـ (الأكل) جرياً على ما هو متعارف عليه.
وقد استعمل القرآن هذا التعبير في مواضع، من ذلك قوله سبحانه: {الذين يأكلون الربا} (البقرة:275)، وقوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} (النساء:10)، وهذا من باب المجاز الذي صار كالحقيقة. وعلى هذا، يكون المراد من (الأكل) بحسب التعبير القرآني سائر التصرفات المالية غير المشروعة، ويكون المعنى في الآية التي معنا: لا يتعدى بعضكم على أموال بعض.
الوقفة الثانية: قوله سبحانه: {أموالكم}، يدخل تحته أكل مال الغير بالباطل، وأكل مال النفس بالباطل، كقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}، فهذا التعبير يدل على النهي عن قتل الغير بغير حق، وعن قتل النفس أيضاً. و(أكل) مال النفس بالباطل، إنما يكون بإنفاقه في معاصي الله، وتبذيره على وجه البطر والإسراف، وفي كل ما لا يرضي الله تعالى.
الوقفة الثالثة: يفيد قوله سبحانه: {ولا تقتلوا أنفسكم}، أن من سلك طرقاً للكسب غير مشروعة، كالربا، والقمار، والرشوة، والغصب، وما شابه ذلك من طرق الحرام، فإنه يكون بذلك قد قتل نفسه معنوياً، وقضى عليها اجتماعياً.
الوقفة الرابعة: تخصيص (التجارة) بالذكر من بين سائر أسباب الكسب؛ لكونها أغلب وقوعاً، وأوفق لذوي المروءات. فكما يحل الكسب المستفاد من التجارة، فأيضاً يحل الكسب المستفاد من أنواع المكاسب الأخرى، كالزراعة والصناعة، ونحو ذلك من الأنشطة الاقتصادية التي لا تخالف أصول التعامل الشرعي.
الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: {عن تراض}، هذا التعبير يفيد أن الأصل في إبرام المعاملات الاقتصادية هو التراضي، فإذا تراضى المتعاقدان بتجارة، أو طابت نفس المتبرع بتبرع، ثبت حلِّه بدلالة القرآن، بيد أن هذا التراضي ليس مطلقاً، بل ينبغي أن يكون مقيداً بضوابط الشرع. فإذا تراضى المتعاقدان على تعامل حرمه الشرع، كالربا وبيع الخمر ونحوهما، كان العقد باطلاً شرعاً، ولا عبرة بتراضيهما.
الوقفة السادسة: إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين {لا تأكلوا أموالكم}، {ولا تقتلوا أنفسكم} فيه دلالة - كما قال السعدي - على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.
الوقفة السابعة: هذه الآية - كما قال ابن عاشور - أصل عظيم في حرمة الأموال وصيانتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) رواه الدار قطني. وهي تفيد أن الناس إن دخلوا في أي معاملات محرمة وباطلة وظالمة، وقبلوا أي مبدأ مستند إلى هذا النوع من التعامل، كالرأسمالية، ونحوها، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال حركة الاقتصاد في المجتمع، وفتح الباب أمام الظلمة وعُبَّاد المال لتولي زمام الأمور، ما ينتج عنه أزمات وصراعات داخلية، تودي باستقرار المجتمع.
الوقفة الثامنة: ترشد هذه الآية - كما ذكر بعض أهل العلم - إلى أن ترك الكسب المشروع بدعوى الزهد والتقشف وانتظار رزق السماء، يجر الأمة إلى الضعف والهلاك.
وأخيراً وليس آخر، فإن الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم بأسره منذ عام، وما تزال تداعياتها ومضاعفاتها جاثمة على مجمل النشاط الاقتصادي العالمي أكبرُ شاهد على أن النأي عن المنهج الإلهي يؤدي إلى نكبات وعواقب لا تحمد عقباها.
ومن الآيات الواردة في هذا السبيل، قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} (النساء:29).
في هذه الآية الكريمة ينهى سبحانه عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً بغير وجه مشروع، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف المعاملات المالية، التي لا تتفق وأصول الشرع الحنيف.
وعلى عادة الشرع في أحكامه وتشريعاته، فإنه لا يسد باباً للحرام، إلا ويفتح مقابله باباً للحلال، فلما نهى سبحانه عباده عن الكسب الحرام غير المشروع، أباح لهم طريقاً آخر للكسب الحلال المشروع، وهو طريق التجارة، ونحوها من الطرق التي أقرها الشرع الحنيف للتعامل المالي بين عباده، وبيَّن سبحانه في ختام الآية أنه إنما حرَّم عليهم ما حرَّم، وأحل لهم ما أحل من باب الرحمة بهم، هذه الرحمة التي تشمل سعادتهم في الدنيا والآخرة.
بعد بيان المعنى الإجمالي للآية، نقف بضع وقفات، لكشف المزيد من المراد من هذه الآية:
الوقفة الأولى: ليس المراد من {لا تأكلوا} الأكل خاصة؛ لأن غير الأكل من التصرفات، كالأكل في هذا الباب، لكنه لما كان المقصود الأعظم من المال إنما هو الأكل، قالوا لمن ينفق ماله: إنه أكله، ووقع التعبير بـ (الأكل) جرياً على ما هو متعارف عليه.
وقد استعمل القرآن هذا التعبير في مواضع، من ذلك قوله سبحانه: {الذين يأكلون الربا} (البقرة:275)، وقوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} (النساء:10)، وهذا من باب المجاز الذي صار كالحقيقة. وعلى هذا، يكون المراد من (الأكل) بحسب التعبير القرآني سائر التصرفات المالية غير المشروعة، ويكون المعنى في الآية التي معنا: لا يتعدى بعضكم على أموال بعض.
الوقفة الثانية: قوله سبحانه: {أموالكم}، يدخل تحته أكل مال الغير بالباطل، وأكل مال النفس بالباطل، كقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}، فهذا التعبير يدل على النهي عن قتل الغير بغير حق، وعن قتل النفس أيضاً. و(أكل) مال النفس بالباطل، إنما يكون بإنفاقه في معاصي الله، وتبذيره على وجه البطر والإسراف، وفي كل ما لا يرضي الله تعالى.
الوقفة الثالثة: يفيد قوله سبحانه: {ولا تقتلوا أنفسكم}، أن من سلك طرقاً للكسب غير مشروعة، كالربا، والقمار، والرشوة، والغصب، وما شابه ذلك من طرق الحرام، فإنه يكون بذلك قد قتل نفسه معنوياً، وقضى عليها اجتماعياً.
الوقفة الرابعة: تخصيص (التجارة) بالذكر من بين سائر أسباب الكسب؛ لكونها أغلب وقوعاً، وأوفق لذوي المروءات. فكما يحل الكسب المستفاد من التجارة، فأيضاً يحل الكسب المستفاد من أنواع المكاسب الأخرى، كالزراعة والصناعة، ونحو ذلك من الأنشطة الاقتصادية التي لا تخالف أصول التعامل الشرعي.
الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: {عن تراض}، هذا التعبير يفيد أن الأصل في إبرام المعاملات الاقتصادية هو التراضي، فإذا تراضى المتعاقدان بتجارة، أو طابت نفس المتبرع بتبرع، ثبت حلِّه بدلالة القرآن، بيد أن هذا التراضي ليس مطلقاً، بل ينبغي أن يكون مقيداً بضوابط الشرع. فإذا تراضى المتعاقدان على تعامل حرمه الشرع، كالربا وبيع الخمر ونحوهما، كان العقد باطلاً شرعاً، ولا عبرة بتراضيهما.
الوقفة السادسة: إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين {لا تأكلوا أموالكم}، {ولا تقتلوا أنفسكم} فيه دلالة - كما قال السعدي - على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.
الوقفة السابعة: هذه الآية - كما قال ابن عاشور - أصل عظيم في حرمة الأموال وصيانتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) رواه الدار قطني. وهي تفيد أن الناس إن دخلوا في أي معاملات محرمة وباطلة وظالمة، وقبلوا أي مبدأ مستند إلى هذا النوع من التعامل، كالرأسمالية، ونحوها، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال حركة الاقتصاد في المجتمع، وفتح الباب أمام الظلمة وعُبَّاد المال لتولي زمام الأمور، ما ينتج عنه أزمات وصراعات داخلية، تودي باستقرار المجتمع.
الوقفة الثامنة: ترشد هذه الآية - كما ذكر بعض أهل العلم - إلى أن ترك الكسب المشروع بدعوى الزهد والتقشف وانتظار رزق السماء، يجر الأمة إلى الضعف والهلاك.
وأخيراً وليس آخر، فإن الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم بأسره منذ عام، وما تزال تداعياتها ومضاعفاتها جاثمة على مجمل النشاط الاقتصادي العالمي أكبرُ شاهد على أن النأي عن المنهج الإلهي يؤدي إلى نكبات وعواقب لا تحمد عقباها.
- جهاد سلامة
- عدد المساهمات : 161
تاريخ التسجيل : 06/10/2012
تاريخ الميلاد : 02/02/1994
المزاج : عادي
نقاط النشاط : 4686
السٌّمعَة : 0
العمر : 30
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
27/10/12, 03:08 am
پآرگ آلله فيگ آخي آلآفضل و سلمت آنآملگ
- **saad**
- عدد المساهمات : 1375
تاريخ التسجيل : 19/10/2012
تاريخ الميلاد : 01/01/1999
المزاج : lfs;ù
نقاط النشاط : 5816
السٌّمعَة : 0
العمر : 25
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
27/10/12, 07:00 pm
شكرا على الموضوع الرائئع
- marahod
- عدد المساهمات : 373
تاريخ التسجيل : 28/10/2012
تاريخ الميلاد : 16/06/1990
المزاج : tamam
نقاط النشاط : 4785
السٌّمعَة : 0
العمر : 34
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
28/10/12, 04:57 pm
مشكور
- Mr.ElHassan
- عدد المساهمات : 239
تاريخ التسجيل : 21/08/2012
تاريخ الميلاد : 22/01/1997
المزاج : مش ف المود
نقاط النشاط : 4722
السٌّمعَة : 0
العمر : 27
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
28/10/12, 05:02 pm
مآ شآء آلله سلمت آيآديگ على موضوگ آلمميز و چعلهآ في ميزآن حسنآتگ
- The Crazy
- عدد المساهمات : 850
تاريخ التسجيل : 21/09/2012
تاريخ الميلاد : 02/01/1998
المزاج : xddddd
نقاط النشاط : 5299
السٌّمعَة : 0
العمر : 26
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
30/10/12, 12:12 am
مشكور...
- énergie
- عدد المساهمات : 410
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
تاريخ الميلاد : 01/03/1987
المزاج : الحمد لله
نقاط النشاط : 4756
السٌّمعَة : 0
العمر : 37
رد: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
30/11/13, 12:13 am
شكرا على الموضوع بارك الله فيكم اخوكم انيرجى
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى