السّلحفاة والصيّاد1
21/06/14, 07:00 pm
مرّت الأيّام . وعاود الصيّاد الحنين. إلى نيل صيد ثمين. فركب البحر إلى صديقته السّلحفاة وقد نسي كلّ ما فات.فاستقبلته السّلحفاة بالابتسامة، وسألته عن الأمانة،فتردّد الصيّاد وتلعثم. ثمّ أطرق ولم يتكّلم. ففهمت
السّلحفاة من عدم الجواب. وعلمت ما حلّ بأولادها من مصاب. فبقيت تتلوّى و بجمر الحزن تتكوى. وقالت والدّمع ينهمر من عينيها:
- أيّها الصيّاد الظّالم . خنت عهدي وميثاقي. وبعت فلذات كبدي في الأسواق. لقد بلغ بك اليأس. إلى بيع أبنائي بثمن بخس.
فاندفع الصيّاد مدافعا عن نفسه:
- لو كنت أمّا حنونا لسهرت اللّيالي. تحرسين بيضك في الرّمال. ولكنّك أهملت عيالك فجرى الذّي جرى لك.
- و الآن، كفّي عن هذه العبرات المزعومة. فما أبعدك عن عاطفة الأمومة.
فأجابته بكآبة:
-إنّه قانون الطّبيعة الذّي يسري علينا...شئنا ذلك أم أبينا ... فقدرنا أن نتخلّى عن الأولاد، ولا حقّ لنا في أن نشهد لحظة الميلاد. ولكنّك خنت العهد. وأخلفت الوعد. وقد كان أولادي أمانة بين يديك.واتفاقنا دينا عليك. فماذا فعلت بمكارم الأخلاق؟ أبعتها كما بعت أولادي في الأسواق ؟
فقال لها الصيّاد:
- إنّك تتحدّثين كأنّك صاحبة الكرم. أسبغت عليّ صنوف النّعم.
فقالت له السلحفاة:
-أنا من جعلتك بين الآدميّين صيّادا.ورفعت شأنك و بنيت لك عمادا.وكنت تقتات من ميّت السّمك.وتقنع من العيش بالضّنك.فصرت ميسورا في أيّام العسر.ومبذّرا في أيّام الفقر. و
استأثرت بسرّ هذا الأزرق. تغنم منه و غيرك يغرق. ولكن لا بأس، هيّا اتبعني بشباكك، لتعود إلى البرّ بأسماكك...
ولمّا وصلا إلى المكان المعلوم. أدرك الصيّاد أنّ هلاكه محتوم. فلم يكن إلاّ مملكة القروش الجائعة. ترصد الفرائس الضّائعة . وهاهي تدور حول القارب تريد أن تقتلعه. وتتربّص بصاحبه لتبتلعه.
فصاح الصيّاد مستغيثا:
- الرحمة يا سلحفاة ...لاتحرميني لذّة الحياة.
فقالت له:
- اعلم أنّ للطّبيعة أيضا قانون... فكما استهنت بغيرك تهون. فانظر إلى حالك. و عاقبة أمرك وأفعالك.و تذكّر أنّك فعلت فعلتك التي فعلت. فما انتهيت و ما ندمت.وما جازيت إحسانا بإحسان. ولكنّك قابلت معروفا بنكران. فهذا جزاء من بادر بالخيانة.وضيّع الأمانة.
ثمّ انقضّت عليه القروش.فصار القارب كالعهن المنفوش.واختفى الصيّاد و ضاع.بعد أن سحبته الأسماك إلى القاع. ومنذ ذلك الزّمن.لم تعد السّلاحف تطمئنّ إلى إنسان. وصارت تخفي بيضها في الرّمل بعيدا عن العيان.ولكنّها في هذا الزّمان تعقد الأمل في حمايتها على الأيادي البريئة.أطفال الدّنيا حماة البيئة.
- همس الاحساس
- عدد المساهمات : 217
تاريخ التسجيل : 22/10/2013
نقاط النشاط : 4266
السٌّمعَة : 0
رد: السّلحفاة والصيّاد1
21/06/14, 07:42 pm
أقف إجلالا وإحتراما وتوقيرا لكلماتك الراقية
حروفك عندما تصافـح شرفـات البـوح ...
تتـسـاقـط إبــداعـا وشــهــدا..
وتتغنى السطور كشدو عصافير ..
دمت بصحة وسعاده
حروفك عندما تصافـح شرفـات البـوح ...
تتـسـاقـط إبــداعـا وشــهــدا..
وتتغنى السطور كشدو عصافير ..
دمت بصحة وسعاده
رد: السّلحفاة والصيّاد1
14/04/15, 06:29 am
جزاكم الله خير الجزاء
الله يعطيكم الف عافية
دمتم برضــى اللـــه وفضلــه
الله يعطيكم الف عافية
دمتم برضــى اللـــه وفضلــه
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى