بعد ”تجاوز” النزاع المسلح الخطوط الحمراء الكيمياوي يضع سوريا بين التدخل العسكري والحل السلمي

بعد ”تجاوز” النزاع المسلح الخطوط الحمراء
الكيمياوي يضع سوريا بين التدخل العسكري والحل السلمي

بعد أكثر من سنتين من الاقتتال، ما يزال المجتمع الدولي يراوح مكانه متسائلا عن الحلول الممكنة لإنهاء الأزمة السورية، التي تحولت في الأثناء لأكبر بؤرة توتر في العالم، وذلك على الرغم من تجاوز النزاع المسلح كل الخطوط الحمراء التي حذرت منها العواصم الغربية والمتمثلة أساسا في استخدام الأسلحة الكيمياوية، لتأتي مجزرة ”الغوطة” لتذكير القوى الكبرى والمعنية بالحرب في سوريا بأنه قد يكون حان الوقت للحسم الدولي، بعدما فشل الفرقاء السوريون في الحسم العسكري.
ومع أن بداية الحديث عن استخدام السلاح الكيمياوي لم تنتظر مجزرة ”الغوطة” بالنظر لتبادل الاتهامات بين الحكومة السورية والمعارضة حول استخدام غاز السارين في 19 مارس الماضي في المعارك ببلدة ”خان العسل” بضاحية محافظة حلب، والتي تم تسجيل خلالها حالات اختناق وآثار جانبية ناتجة عن مواد كيميائية.
والمتابع للأحداث في سوريا يذكر خطاب بشار الجعفري، ممثل سوريا في الأمم المتحدة، وهو يطالب بإيفاد لجنة لتقصي الحقائق حول الحادثة، متهما المعارضة باستهداف جنود الجيش النظامي بهذا الغاز الكيمياوي المحظور دوليا، لتؤكد منظمات مستقلة فيما بعد حقيقة استعمال غاز السارين دون تحديد المسؤول عن ذلك، غير أنه على الرغم من هذه التأكيدات لم يتحرك المجتمع الدولي باعتبار أن حصيلة القتلى لم تكن عالية، عكس ما حدث في ”الغوطة” التي قدرت المعارضة ضحاياها بأكثر من ألف شخص.
ولعل هذا العدد الكبير، سواء زاد أو نقص بحسب الجهات المقدرة، أحرج رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وزاد من الضغوط الممارسة عليه دوليا وحتى داخليا، من قبل أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري الذين باتوا يهاجمون أوباما على حصيلته ”السلبية” على الصعيد الدولي، والحال أن إدارة البيت الأبيض الأمريكي باتت تفكر جديا في احتمال تنفيذ تدخل عسكري في سوريا يُسرع من الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. فقد أوردت التقارير اهتمام أوباما بدراسة السيناريو الكوسوفي، فيما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية من جانبها استعدادها لتنفيذ أي قرار يتخذه الرئيس الأمريكي على الفور، ما جعل بعض المراقبين يؤكدون أن احتمالات التدخل العسكري بلغت نسبة المناصفة لأول مرة مع الحل السياسي، سيما بعد القول بإمكانية تجاوز موافقة الأمم المتحدة على هذا التدخل تفاديا للمعارضة الروسية والصينية.
وتماشيا مع هذه التحضيرات الأمريكية والتصريحات، تزايدت التحليلات القائلة باستحالة تنفيذ ضربة عسكرية في سوريا دون إحداث فوضى عارمة في المنطقة، وهو ما يعد به النظام السوري ومن يقف إلى جانبه في هذه الحرب، التي أعادت العالم إلى حرب بين معسكرين، فقد تأكد اليوم أن ما يحدث في سوريا لم يعد على علاقة بالانتفاضة الأولى للشعب السوري في منتصف مارس من سنة 2011 في سياق الربيع العربي، إذ تحول على مدار السنتين المنصرمتين إلى حرب دولية، بالنظر لعدد دول الجوار والإقليمية التي باتت معنية بشكل من الأشكال في النزاع المسلح.
ففي الوقت الذي حافظت كل من إيران وروسيا والصين على ثبات الموقف من الأزمة السورية، في تأكيد على ضرورة ترجيح الحل السياسي بمشاركة النظام القائم، شهد موقف دول الاتحاد الأوروبي تذبذبا بين الموقف البريطاني والفرنسي والألماني المتراوح بين الرغبة في تسليح المعارضة والخوف من استفادة الجماعات الجهادية من النزاع، فيما راهنت الولايات المتحدة على عامل الوقت الذي فاقم في نهاية الأمر من الأزمة بعد قرار دعم المعارضة بالعتاد العسكري لإيجاد توازن القوى على الأرض. من جانبها، عرفت دول الجوار، بدءا من تركيا وقطر ومعهما السعودية، اندفاعا إلى جانب المعارضة وتكثيفا للدعم المادي لاقتناء السلاح بهدف تسريع الإطاحة بالأسد الذي يعد الحلقة القوية في سلسلة النفوذ الإيراني في المنطقة.

شكرا على الموضوع القيم

يعطــــــــــ العافيه ـــــــــيك