تفسير القران - ( وَذَا النُّونِ ) - وذا النون
05/01/13, 03:24 am
وذا النون
تفسير القران - ( وَذَا النُّونِ ) - وذا النون
( وَذَا النُّونِ )
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى :{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (87-88) سورة الأنبياء
هذه أحدى القصص القرآنية التي ذكرها الله تعالى بإيجاز بليغ ، وهي تحكي لنا جانبا من حياة نبي الله يونس (عليه السلام) ومسيرته التبليغية ، ولنوضح بعض مفاصل هذه القصة ،
أولا : من هو ذا النون ؟
(النون) ـ في اللغة ـ السمكة العظيمة و بتعبير آخر الحوت ،و (ذا) بمعنى صاحب ، و (ذا النون) معناها صاحب الحوت، وصاحب الحوت إشارة إلى نبي الله يونس (عليه السلام) .
ثانيا : ما هي الظلمات ؟
الظلمة ـ لغة ـ شدة الظلام ، يقول صاحب تفسير الأمثل : (من الممكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى ظلمة البحر في أعماق الماء ، وظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل) .
ثالثا : ما الذي عمله يونس (عليه السلام) فتركه واستغفر الله عليه ؟
لا شك أن تعبير " مغاضبا " إشارة إلى غضب النبي يونس عليه السلام على قومه الكافرين ، و هذا الغضب في مثل هذه الظروف أمر طبيعي ، إذ تحمل هذا النبي المشفق المشقة والتعب سنين طويلة من أجل هداية القوم الضالين ،
إلا أنهم لم يلبوا دعوته الخيرة من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن النبي يونس عليه السلام لما علم أن العذاب الإلهي سينزل بهم سريعا ، فإن ترك تلك المدينة لم يكن معصية ، ولكن كان الأولى به كنبي عظيم أن لا يتركها حتى اللحظة الأخيرة - اللحظة التي سيعقبها العذاب الإلهي - ولذلك آخذه الله على هذه العجلة ، واعتبر عمله تركا للأولى ، فلم يكن ما فعله الله تعالى بنبيه عقوبة على فعله ، بل كان درسا وتأديبا إلهيا لعبد من عباده المخلصين يترتب عليه تساميه في مدارج الكمال والقرب الألهي .
رابعا : ماذا نستفيد من قصة نبي الله يونس عليه السلام ؟
كما ذكرنا سابقا أن القصص القرآنية ليست للترف والتسلية بقدر ما هي للعبرة والهداية ، وعليه ما الذي يمكن استفادته من قصة النبي يونس (عليه السلام) ؟
وردت في الآية المباركة حكمة وهي شاملة لكل المؤمنين ولا تختص بنبي الله يونس عليه السلام (وكذلك ننجي المؤمنين).
فالناس كثيرا ما يذنبون والله غفور رحيم وكم من شهوة قصيرة أوردت ندما كثيرا ،فهل هناك سبيل إلى التوبة هل هناك طريق يؤوب إليه الخطاءون ؟
إن كثيرا من الحوادث المؤلمة والابتلاءات الشديدة والمصائب المحزنة تكون نتيجة طبيعية لذنوبنا ومعاصينا ، وهي سياط لتنبيه الأرواح الغافلة ، أو هي مواقد لتصفية معادن أرواح الآدميين فمتى ما تنبه الإنسان إلى ثلاثة أمور [التي انتبه إليها النبي يونس في مثل هذا الظرف] فإنه سينجو حتما :
1 - التوجه إلى حقيقة التوحيد ، وأنه لا معبود ولا سند إلا الله ، مناديا في الظلمات (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ)
2 - تنزيه الله عن كل عيب ونقص وظلم وجور ، وتجنب كل سوء ظن بذاته المقدسة ، بقوله : (سُبْحَانَكَ).
3 - الاعتراف بذنبه وتقصيره (إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
وعلى هذه الأمور الثلاثة ترتبت النتيجة الحتمية من الباري تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ) وجعل هذه هي المنجية لجميع المؤمنين : (وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " فقال رجل : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال : " هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله وكذلك ننجي المؤمنين ؟ فهو شرط من الله لمن دعاه".
وكما هو واضح أن المراد ليس قراءة الألفاظ والكلمات فقط ، بل جريان حقيقتها في أعماق روح الإنسان ، أي أن ينسجم كل وجوده مع معنى تلك الألفاظ حين قراءتها، فيكون دعائه صادرا من قلبه ومن كل جوارحه.
يقول صاحب تفسير الأمثل معقبا على ما جاء في الآية المذكورة: ( يلزم التذكير بهذه المسألة ، وهي أن العقوبات الإلهية على نحوين : أحدهما :
عذاب الاستئصال ، أي العقوبة النهائية التي تحل لمحو الأفراد الذين لا يمكن إصلاحهم ، إذ لا ينفعهم أي دعاء حينئذ ، لأن أعمالهم ذاتها ستكرر بعد هدوء عاصفة البلاء .
والآخر : عذاب التنبيه ، والذي له صفة تربوية ، ويرتفع مباشرة بمجرد أن يؤثر أثره ويتنبه المخطئ ويثوب إلى رشده .
ومن هنا يتضح أن إحدى غايات الآفات والابتلاءات والحوادث المرة هي التوعية والتربية . إن حادثة النبي يونس ( عليه السلام ) تحذر بصورة ضمنية جميع قادة الحق والمرشدين إليه بأن لا يتصوروا انتهاء مهمتهم مطلقا ، ولا يستصغروا أي جهد وسعي في هذا الطريق ، لأن مسؤولياتهم ثقيلة جدا).
تفسير القران - ( وَذَا النُّونِ ) - وذا النون
( وَذَا النُّونِ )
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى :{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (87-88) سورة الأنبياء
هذه أحدى القصص القرآنية التي ذكرها الله تعالى بإيجاز بليغ ، وهي تحكي لنا جانبا من حياة نبي الله يونس (عليه السلام) ومسيرته التبليغية ، ولنوضح بعض مفاصل هذه القصة ،
أولا : من هو ذا النون ؟
(النون) ـ في اللغة ـ السمكة العظيمة و بتعبير آخر الحوت ،و (ذا) بمعنى صاحب ، و (ذا النون) معناها صاحب الحوت، وصاحب الحوت إشارة إلى نبي الله يونس (عليه السلام) .
ثانيا : ما هي الظلمات ؟
الظلمة ـ لغة ـ شدة الظلام ، يقول صاحب تفسير الأمثل : (من الممكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى ظلمة البحر في أعماق الماء ، وظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل) .
ثالثا : ما الذي عمله يونس (عليه السلام) فتركه واستغفر الله عليه ؟
لا شك أن تعبير " مغاضبا " إشارة إلى غضب النبي يونس عليه السلام على قومه الكافرين ، و هذا الغضب في مثل هذه الظروف أمر طبيعي ، إذ تحمل هذا النبي المشفق المشقة والتعب سنين طويلة من أجل هداية القوم الضالين ،
إلا أنهم لم يلبوا دعوته الخيرة من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن النبي يونس عليه السلام لما علم أن العذاب الإلهي سينزل بهم سريعا ، فإن ترك تلك المدينة لم يكن معصية ، ولكن كان الأولى به كنبي عظيم أن لا يتركها حتى اللحظة الأخيرة - اللحظة التي سيعقبها العذاب الإلهي - ولذلك آخذه الله على هذه العجلة ، واعتبر عمله تركا للأولى ، فلم يكن ما فعله الله تعالى بنبيه عقوبة على فعله ، بل كان درسا وتأديبا إلهيا لعبد من عباده المخلصين يترتب عليه تساميه في مدارج الكمال والقرب الألهي .
رابعا : ماذا نستفيد من قصة نبي الله يونس عليه السلام ؟
كما ذكرنا سابقا أن القصص القرآنية ليست للترف والتسلية بقدر ما هي للعبرة والهداية ، وعليه ما الذي يمكن استفادته من قصة النبي يونس (عليه السلام) ؟
وردت في الآية المباركة حكمة وهي شاملة لكل المؤمنين ولا تختص بنبي الله يونس عليه السلام (وكذلك ننجي المؤمنين).
فالناس كثيرا ما يذنبون والله غفور رحيم وكم من شهوة قصيرة أوردت ندما كثيرا ،فهل هناك سبيل إلى التوبة هل هناك طريق يؤوب إليه الخطاءون ؟
إن كثيرا من الحوادث المؤلمة والابتلاءات الشديدة والمصائب المحزنة تكون نتيجة طبيعية لذنوبنا ومعاصينا ، وهي سياط لتنبيه الأرواح الغافلة ، أو هي مواقد لتصفية معادن أرواح الآدميين فمتى ما تنبه الإنسان إلى ثلاثة أمور [التي انتبه إليها النبي يونس في مثل هذا الظرف] فإنه سينجو حتما :
1 - التوجه إلى حقيقة التوحيد ، وأنه لا معبود ولا سند إلا الله ، مناديا في الظلمات (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ)
2 - تنزيه الله عن كل عيب ونقص وظلم وجور ، وتجنب كل سوء ظن بذاته المقدسة ، بقوله : (سُبْحَانَكَ).
3 - الاعتراف بذنبه وتقصيره (إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
وعلى هذه الأمور الثلاثة ترتبت النتيجة الحتمية من الباري تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ) وجعل هذه هي المنجية لجميع المؤمنين : (وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " فقال رجل : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال : " هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله وكذلك ننجي المؤمنين ؟ فهو شرط من الله لمن دعاه".
وكما هو واضح أن المراد ليس قراءة الألفاظ والكلمات فقط ، بل جريان حقيقتها في أعماق روح الإنسان ، أي أن ينسجم كل وجوده مع معنى تلك الألفاظ حين قراءتها، فيكون دعائه صادرا من قلبه ومن كل جوارحه.
يقول صاحب تفسير الأمثل معقبا على ما جاء في الآية المذكورة: ( يلزم التذكير بهذه المسألة ، وهي أن العقوبات الإلهية على نحوين : أحدهما :
عذاب الاستئصال ، أي العقوبة النهائية التي تحل لمحو الأفراد الذين لا يمكن إصلاحهم ، إذ لا ينفعهم أي دعاء حينئذ ، لأن أعمالهم ذاتها ستكرر بعد هدوء عاصفة البلاء .
والآخر : عذاب التنبيه ، والذي له صفة تربوية ، ويرتفع مباشرة بمجرد أن يؤثر أثره ويتنبه المخطئ ويثوب إلى رشده .
ومن هنا يتضح أن إحدى غايات الآفات والابتلاءات والحوادث المرة هي التوعية والتربية . إن حادثة النبي يونس ( عليه السلام ) تحذر بصورة ضمنية جميع قادة الحق والمرشدين إليه بأن لا يتصوروا انتهاء مهمتهم مطلقا ، ولا يستصغروا أي جهد وسعي في هذا الطريق ، لأن مسؤولياتهم ثقيلة جدا).
- سحابه
- عدد المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 07/12/2012
تاريخ الميلاد : 10/10/1999
المزاج : مبسوطه
نقاط النشاط : 4621
السٌّمعَة : 0
العمر : 25
رد: تفسير القران - ( وَذَا النُّونِ ) - وذا النون
05/01/13, 03:32 am
جزاك الله كل خير اخيالكريم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى