- محمد ماجد
- عدد المساهمات : 69
تاريخ التسجيل : 22/12/2012
تاريخ الميلاد : 13/09/1990
المزاج : رايق
نقاط النشاط : 4598
السٌّمعَة : 0
العمر : 34
ما موقف المسلم تجاه اختلاف الفتوى وتعددها؟
01/01/13, 11:52 pm
ما موقف المسلم تجاه اختلاف الفتوى وتعددها؟
أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي
هذا ينبني على معرفة جملة من القواعد:
القاعدة الأولى:
مدى تعددية الآراء الفقهية:
تعدد الآراء كان شائعًا في عهد الصحابة، ولا سيما في النوازل والقضايا التي استجدت في عهدهم، فقد اختلفوا في مسائل كثيرة، في المواريث، وفي أحكام الأسرة، وفي بعض المعاملات... وغيرها.
هذا إلى خلافهم في تفسير كثير من القرآن الكريم.
ثم في عهد التابعين استجدت قضايا فاختلفوا فيها مثلما اختلفوا في المسائل التي اختلف فيها الصحابة.
ثم وجدت المذاهب الفقهية (أو المدارس) المختلفة، وفي مقدمتها مذاهب الأئمة الأربعة (أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل).
واستمر الخلاف بين العلماء حتى عصرنا هذا، إلا أن ثمة فرقًا بين الخلاف في القرون المفضلة والخلاف فيما بعدها من القرون.
إذ يلحظ أن الخلاف في القرون الأولى كان رحمة واسعة على الأمة، فقد أخذت الأمة بهذا الفقه البناء، دون أن يكون فرقة أو نزاع.
أما في القرون التالية فقد ترتب على الخلاف بعض الشر كالفرقة والتدابر والتعصب.
لذا يمكننا القول بأن التعددية في ذاتها ليست خيرًا محضًا ولا شرًا محضًا، بل وليست مقصدًا [1] في ذاتها ولكنها أمر واقع بسبب الطبيعة البشرية.
فإذا أحسنت الأمة استغلالها والاستفادة منها أمكنها ذلك، وأن أساءت استغلالها كانت شرًا وفرقة وعذابًا.
ومما يؤكد أن التعددية أمر كائن لا محالة ما يشهد له واقع العلماء منذ عهد الصحابة حتى الآن، حيث تجد المدارس المختلفة، باختلاف مصادرها أو أدلتها، وتفسير الأدلة، وفق المفهوم والقدرات الذهنية والمؤثرات النفسية والاجتماعية، واختلاف الظروف.. ونحو هذا.
بل تجد التعددية عند العالم الواحد في المسألة الواحدة ويكفيك مثالًا على هذا، تعدد الروايات والأوجه عند الإمام أحمد في مسائل لا تحصر.
وقد ألفت في هذا كتب كثيرة، ومن أبرزها كتاب "الإنصاف" للمرداوي.
ناهيك عما كتب عن مسائل الإمام أحمد، مما جمعه تلاميذه.
القاعدة الثانية:
ما الخلاف السائغ وغير السائغ؟
يمكن تقسيم الخلاف في أصله إلى أقسام أربعة:
1
- خلاف كلي، حقيقة ومجازًا.
2- خلاف كلي، حقيقة، لا مجازًا.
3- خلاف جزئي، حقيقة، لا مجازًا.
4- خلاف جزئي، مجازًا.
فالأول؛ هو الخلاف بين الإسلام والكفر، أو بين أهل الإسلام وغيرهم من أهل الملل والنحل من المشركين والصابئة والملحدين، وأهل الكتاب.
والثاني؛ يتمثل بالفرق والنحل التي تتظاهر بالانتماء للإسلام، ولكنها تبطن الكفر، وأشهرها ما يعرف بالفرق الباطنية، كالإسماعيلية، والنصيرية، والدروز، والقاديانية، والبهائية، وأصحاب وحدة الوجود... فانتماؤهم للإسلام مجازي.
والثالث؛ يتمثل بالفرق الإسلامية المشهورة وما تفرع منها: وهي: الخوارج، والشيعة، والمعتزلة، والجبرية.
ويلحق بها كثير من الطرق الصوفية.
فمثل هذه الفرق هي مسلمة دون شك، ولكن بينها وبين منهج الحق خلاف كبير، ولكنه لا يخرجها من دائرة الإسلام.
والرابع؛ يتمثل بخلاف الفقهاء على الجملة، فهو خلاف جزئي يتعلق بفروع الدين، وليس بأصوله ولا بثوابته، ومعظمه قائم على الاجتهاد.
ولذلك يمكن تصنيفه في دائرة الخلاف المجازي لا الحقيقي، مثلما هو جزئي لا كلي.
وبناء على ذلك؛ فإنه يكون من الواضح أن القسم الأول غير سائغ ولا مقبول، بل هو شر محض ودلائل قطعية.
ومثله القسم الثاني؛ فإنه شر محض أيضًا لأنه نفاق وزندقة.
وأما القسم الثالث؛ فهو غير سائغ أيضًا لأنه قائم على بدع محلية فاحشة.
بيد أنهم محسوبون من جملة المسلمين ويقرون على طرائقهم ما داموا قائمين بالشعائر الإسلامية الظاهرة مع المسلمين، دون أن يسمح لهم بنشر بدعهم.
وأما القسم الرابع؛ فهو الخلاف السائغ دون شك ما دام منحصرًا في دائرة "مسائل العمل المختلف فيها".
وإذا كان سائغًا فلا يجوز أن يكون سببًا في المنازعة والعصبية والفرقة، ويكون من الجائز الأخذ بأي من الأقوال في المسألة الواحدة وفق الضوابط المعتبرة.
القاعدة الثالثة:
من هو المفتي المعتبر؟
كثير هم الذين ينتصبون للإفتاء، في كل زمان وفي معظم الأمكنة، سواء المتأهل للإفتاء وغير المتأهل.
ولما كانت الفتوى إخبارًا عن حكم الله ورسوله في القضية النازلة، أو المسؤول عنها، وهي توقيع عن رب العالمين كما يقول ابن القيم؛ لذا كان من المهم معرفة صفات المفتي المعتبر وشروطه.
يقول ابن الصلاح - رحمه الله - في كتابه (أدب المفتي والمستفتي) ص86: (وشروط المفتي أن يكون مكلفًا مسلمًا ثقة مأمونًا متنزهًا من أسباب الفسق ومسقطات المروءة... ويكون فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظًا).
وذكر ابن القيم عن الإمام أحمد - رحمه الله - قوله: (لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال:
أولها: أن تكون له نية...
والثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة.
والثالثة: أن يكون قويًا على ما هو فيه وعلى معرفته.
والرابعة: الكفاية وإلا مضغه الناس.
والخامسة: معرفة الناس.) (إعلام الموقعين 4/254، وينظر البرهان للجويني ص1330).
وقد تناقل كثير من الفقهاء والأصوليين مثل هذه الشروط.
ولا شك أنها متى اجتمعت وتوافرت في شخص كان أهلًا للإفتاء، لكن قد ينخرم بعضها فما الموقف عندئذ؟
الذي يظهر أنه ينبغي على المستفتي التحري والبحث عن الأمثل فالأمثل.
ولذلك يذكر العلماء مسألة (فترة الشريعة) بعدم وجود عالم مجتهد أو معتبر في الدنيا، وهي مسألة افتراضية بعيدة عن الوقوع، إذ لا تزال طائفة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على الحق منصورة.
وهذا يقتضي استمرار وجود العلماء.. مهما قلوا.
إلا أنه قد تنزل بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها؛ فما الحكم عندئذ؟
ذكر ابن القيم أن للناس طريقين أو رأيين هنا:
الأول: أن له حكم ما قبل الشرع على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف.
الثاني: أنه يخرج على الخلاف في مسالة تعارض الأدلة عند المجتهد، هل يعمل بالأخف أو بالأشد أو يتخير والصواب - كما يقول ابن القيم - أنه يجب عليه أن يتقى الله ما استطاع ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة. (إعلام الموقعين 4/279).
القاعدة الرابعة:
هل يلزم اتباع مذهب معين؟
والتساؤل هنا يشمل المفتي والمستفتي.
ولا شك أنها قضية ذات شأن كبير، ولا يمكننا في عجالة أن نوفيها حقها من البحث، فهي مرتبطة بقضية أكبر، هي (الاجتهاد والتقليد).
ومع أن أكثر أهل العلم على جواز التقليد في حق غير المجتهد، إلا أن لهذا التقليد شروطًا أهمها: أن يكون على بصيرة ووعي، بحيث يلزم المسلم عندما يقلد عالمًا أن يتحرى الحق بتعلم ما استطاع وأن ينظر في العالم هل هو أهل أن يتبع؟ سواء من حيث سلوكه، أو من حيث علمه.
هذا في حق المسلم العامي.
أما المسلم المتعلم أو العالم غير المجتهد فإنه يلزمه البحث والنظر في كل حادثة، أو مسألة قد اختلف فيها سواء في إطار أصول مذهبه، أو في إطار أصول المذاهب الإسلامية المعتبرة. (ينظر إعلام الموقعين 4/331).
ولذا يرى كثير من أهل التحقيق أن المسلم غير ملزم باتباع مذهب معين لا يحيد عنه في مسألة فإذا ساغ التقليد في الجملة، فليس مقتضى ذلك التزام المذهب في كل مسألة.
وهذا ما يظهر من اختيار الإمام ابن تيمية ومنهجه، قال ابن القيم (إعلام الموقعين 4/331): "الصواب المقطوع به أنه لا يلزم العامي التمذهب... بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به، فالعامي لا مذهب له".
القاعدة الخامسة:
موقف المستفتي تجاه تعدد الفتوى:
من الناحية النظرية يذكر علماء الأصول والفقه خلافًا في هذه المسألة:
يقول ابن القيم (إعلام الموقعين 4/333): " إذا اختلف عليه - يعني المستفتي - مفتيان فأكثر فهل يأخذ بأغلظ الأقوال؟ أو بأخفها؟ أو يتخير؟ أو يأخذ بقول الأعلم؟ أو الأورع؟ أو يعدل إلى مفت آخر؟ فينظر من يوافق من الأولين فيعمل بالفتوى التي يوقع عليها أو يجب عليه أن يتحرى ويبحث عن الراجح بحسبه فيه سبعة مذاهب أرجحها السابع فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أو الطبيبين أو المشيرين" ا. هـ.
أظن أنه ينبغي التفصيل هنا، فقال: أما بالنسبة للعامي الذي ليس بإمكانه الترجيح بين الأقوال، فالذي ينبغي عليه أن يبحث عن العالم الثقة، إما بسؤال طلبة العلم عنه، أو بحسب الشهرة، فإذا أبان له الأمر سأل.
أما بالنسبة لطلاب العلم والباحثين في العلوم الشرعية وما يتصل بها، وكذلك أنصاف العلماء فالذي ينبغي في حقهم أن يبحثوا بأنفسهم عن الحق إما قراءة، أو سماعًا، أو مناقشة ومدارسة، فإن ظهر الحق أخذ به، وإلا كان له التقليد والسؤال.
وربما كان الأخذ بالقول الأشد أحيانًا أو الأخف أو التخير ما يكون فيه مصلحة ظاهرة، فيسوغ العمل به.
ولا سيما إذا كان السؤال واردًا من مؤسسة أو شركة أو مصلحة حكومية كمستشفى مثلًا أو بنك....
__________________
منقوووووول
أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي
هذا ينبني على معرفة جملة من القواعد:
القاعدة الأولى:
مدى تعددية الآراء الفقهية:
تعدد الآراء كان شائعًا في عهد الصحابة، ولا سيما في النوازل والقضايا التي استجدت في عهدهم، فقد اختلفوا في مسائل كثيرة، في المواريث، وفي أحكام الأسرة، وفي بعض المعاملات... وغيرها.
هذا إلى خلافهم في تفسير كثير من القرآن الكريم.
ثم في عهد التابعين استجدت قضايا فاختلفوا فيها مثلما اختلفوا في المسائل التي اختلف فيها الصحابة.
ثم وجدت المذاهب الفقهية (أو المدارس) المختلفة، وفي مقدمتها مذاهب الأئمة الأربعة (أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل).
واستمر الخلاف بين العلماء حتى عصرنا هذا، إلا أن ثمة فرقًا بين الخلاف في القرون المفضلة والخلاف فيما بعدها من القرون.
إذ يلحظ أن الخلاف في القرون الأولى كان رحمة واسعة على الأمة، فقد أخذت الأمة بهذا الفقه البناء، دون أن يكون فرقة أو نزاع.
أما في القرون التالية فقد ترتب على الخلاف بعض الشر كالفرقة والتدابر والتعصب.
لذا يمكننا القول بأن التعددية في ذاتها ليست خيرًا محضًا ولا شرًا محضًا، بل وليست مقصدًا [1] في ذاتها ولكنها أمر واقع بسبب الطبيعة البشرية.
فإذا أحسنت الأمة استغلالها والاستفادة منها أمكنها ذلك، وأن أساءت استغلالها كانت شرًا وفرقة وعذابًا.
ومما يؤكد أن التعددية أمر كائن لا محالة ما يشهد له واقع العلماء منذ عهد الصحابة حتى الآن، حيث تجد المدارس المختلفة، باختلاف مصادرها أو أدلتها، وتفسير الأدلة، وفق المفهوم والقدرات الذهنية والمؤثرات النفسية والاجتماعية، واختلاف الظروف.. ونحو هذا.
بل تجد التعددية عند العالم الواحد في المسألة الواحدة ويكفيك مثالًا على هذا، تعدد الروايات والأوجه عند الإمام أحمد في مسائل لا تحصر.
وقد ألفت في هذا كتب كثيرة، ومن أبرزها كتاب "الإنصاف" للمرداوي.
ناهيك عما كتب عن مسائل الإمام أحمد، مما جمعه تلاميذه.
القاعدة الثانية:
ما الخلاف السائغ وغير السائغ؟
يمكن تقسيم الخلاف في أصله إلى أقسام أربعة:
1
- خلاف كلي، حقيقة ومجازًا.
2- خلاف كلي، حقيقة، لا مجازًا.
3- خلاف جزئي، حقيقة، لا مجازًا.
4- خلاف جزئي، مجازًا.
فالأول؛ هو الخلاف بين الإسلام والكفر، أو بين أهل الإسلام وغيرهم من أهل الملل والنحل من المشركين والصابئة والملحدين، وأهل الكتاب.
والثاني؛ يتمثل بالفرق والنحل التي تتظاهر بالانتماء للإسلام، ولكنها تبطن الكفر، وأشهرها ما يعرف بالفرق الباطنية، كالإسماعيلية، والنصيرية، والدروز، والقاديانية، والبهائية، وأصحاب وحدة الوجود... فانتماؤهم للإسلام مجازي.
والثالث؛ يتمثل بالفرق الإسلامية المشهورة وما تفرع منها: وهي: الخوارج، والشيعة، والمعتزلة، والجبرية.
ويلحق بها كثير من الطرق الصوفية.
فمثل هذه الفرق هي مسلمة دون شك، ولكن بينها وبين منهج الحق خلاف كبير، ولكنه لا يخرجها من دائرة الإسلام.
والرابع؛ يتمثل بخلاف الفقهاء على الجملة، فهو خلاف جزئي يتعلق بفروع الدين، وليس بأصوله ولا بثوابته، ومعظمه قائم على الاجتهاد.
ولذلك يمكن تصنيفه في دائرة الخلاف المجازي لا الحقيقي، مثلما هو جزئي لا كلي.
وبناء على ذلك؛ فإنه يكون من الواضح أن القسم الأول غير سائغ ولا مقبول، بل هو شر محض ودلائل قطعية.
ومثله القسم الثاني؛ فإنه شر محض أيضًا لأنه نفاق وزندقة.
وأما القسم الثالث؛ فهو غير سائغ أيضًا لأنه قائم على بدع محلية فاحشة.
بيد أنهم محسوبون من جملة المسلمين ويقرون على طرائقهم ما داموا قائمين بالشعائر الإسلامية الظاهرة مع المسلمين، دون أن يسمح لهم بنشر بدعهم.
وأما القسم الرابع؛ فهو الخلاف السائغ دون شك ما دام منحصرًا في دائرة "مسائل العمل المختلف فيها".
وإذا كان سائغًا فلا يجوز أن يكون سببًا في المنازعة والعصبية والفرقة، ويكون من الجائز الأخذ بأي من الأقوال في المسألة الواحدة وفق الضوابط المعتبرة.
القاعدة الثالثة:
من هو المفتي المعتبر؟
كثير هم الذين ينتصبون للإفتاء، في كل زمان وفي معظم الأمكنة، سواء المتأهل للإفتاء وغير المتأهل.
ولما كانت الفتوى إخبارًا عن حكم الله ورسوله في القضية النازلة، أو المسؤول عنها، وهي توقيع عن رب العالمين كما يقول ابن القيم؛ لذا كان من المهم معرفة صفات المفتي المعتبر وشروطه.
يقول ابن الصلاح - رحمه الله - في كتابه (أدب المفتي والمستفتي) ص86: (وشروط المفتي أن يكون مكلفًا مسلمًا ثقة مأمونًا متنزهًا من أسباب الفسق ومسقطات المروءة... ويكون فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظًا).
وذكر ابن القيم عن الإمام أحمد - رحمه الله - قوله: (لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال:
أولها: أن تكون له نية...
والثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة.
والثالثة: أن يكون قويًا على ما هو فيه وعلى معرفته.
والرابعة: الكفاية وإلا مضغه الناس.
والخامسة: معرفة الناس.) (إعلام الموقعين 4/254، وينظر البرهان للجويني ص1330).
وقد تناقل كثير من الفقهاء والأصوليين مثل هذه الشروط.
ولا شك أنها متى اجتمعت وتوافرت في شخص كان أهلًا للإفتاء، لكن قد ينخرم بعضها فما الموقف عندئذ؟
الذي يظهر أنه ينبغي على المستفتي التحري والبحث عن الأمثل فالأمثل.
ولذلك يذكر العلماء مسألة (فترة الشريعة) بعدم وجود عالم مجتهد أو معتبر في الدنيا، وهي مسألة افتراضية بعيدة عن الوقوع، إذ لا تزال طائفة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على الحق منصورة.
وهذا يقتضي استمرار وجود العلماء.. مهما قلوا.
إلا أنه قد تنزل بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها؛ فما الحكم عندئذ؟
ذكر ابن القيم أن للناس طريقين أو رأيين هنا:
الأول: أن له حكم ما قبل الشرع على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف.
الثاني: أنه يخرج على الخلاف في مسالة تعارض الأدلة عند المجتهد، هل يعمل بالأخف أو بالأشد أو يتخير والصواب - كما يقول ابن القيم - أنه يجب عليه أن يتقى الله ما استطاع ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة. (إعلام الموقعين 4/279).
القاعدة الرابعة:
هل يلزم اتباع مذهب معين؟
والتساؤل هنا يشمل المفتي والمستفتي.
ولا شك أنها قضية ذات شأن كبير، ولا يمكننا في عجالة أن نوفيها حقها من البحث، فهي مرتبطة بقضية أكبر، هي (الاجتهاد والتقليد).
ومع أن أكثر أهل العلم على جواز التقليد في حق غير المجتهد، إلا أن لهذا التقليد شروطًا أهمها: أن يكون على بصيرة ووعي، بحيث يلزم المسلم عندما يقلد عالمًا أن يتحرى الحق بتعلم ما استطاع وأن ينظر في العالم هل هو أهل أن يتبع؟ سواء من حيث سلوكه، أو من حيث علمه.
هذا في حق المسلم العامي.
أما المسلم المتعلم أو العالم غير المجتهد فإنه يلزمه البحث والنظر في كل حادثة، أو مسألة قد اختلف فيها سواء في إطار أصول مذهبه، أو في إطار أصول المذاهب الإسلامية المعتبرة. (ينظر إعلام الموقعين 4/331).
ولذا يرى كثير من أهل التحقيق أن المسلم غير ملزم باتباع مذهب معين لا يحيد عنه في مسألة فإذا ساغ التقليد في الجملة، فليس مقتضى ذلك التزام المذهب في كل مسألة.
وهذا ما يظهر من اختيار الإمام ابن تيمية ومنهجه، قال ابن القيم (إعلام الموقعين 4/331): "الصواب المقطوع به أنه لا يلزم العامي التمذهب... بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به، فالعامي لا مذهب له".
القاعدة الخامسة:
موقف المستفتي تجاه تعدد الفتوى:
من الناحية النظرية يذكر علماء الأصول والفقه خلافًا في هذه المسألة:
يقول ابن القيم (إعلام الموقعين 4/333): " إذا اختلف عليه - يعني المستفتي - مفتيان فأكثر فهل يأخذ بأغلظ الأقوال؟ أو بأخفها؟ أو يتخير؟ أو يأخذ بقول الأعلم؟ أو الأورع؟ أو يعدل إلى مفت آخر؟ فينظر من يوافق من الأولين فيعمل بالفتوى التي يوقع عليها أو يجب عليه أن يتحرى ويبحث عن الراجح بحسبه فيه سبعة مذاهب أرجحها السابع فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أو الطبيبين أو المشيرين" ا. هـ.
أظن أنه ينبغي التفصيل هنا، فقال: أما بالنسبة للعامي الذي ليس بإمكانه الترجيح بين الأقوال، فالذي ينبغي عليه أن يبحث عن العالم الثقة، إما بسؤال طلبة العلم عنه، أو بحسب الشهرة، فإذا أبان له الأمر سأل.
أما بالنسبة لطلاب العلم والباحثين في العلوم الشرعية وما يتصل بها، وكذلك أنصاف العلماء فالذي ينبغي في حقهم أن يبحثوا بأنفسهم عن الحق إما قراءة، أو سماعًا، أو مناقشة ومدارسة، فإن ظهر الحق أخذ به، وإلا كان له التقليد والسؤال.
وربما كان الأخذ بالقول الأشد أحيانًا أو الأخف أو التخير ما يكون فيه مصلحة ظاهرة، فيسوغ العمل به.
ولا سيما إذا كان السؤال واردًا من مؤسسة أو شركة أو مصلحة حكومية كمستشفى مثلًا أو بنك....
__________________
منقوووووول
رد: ما موقف المسلم تجاه اختلاف الفتوى وتعددها؟
01/01/13, 11:56 pm
سلمت اناملك اخي الكريم شكرا لك لموضوعكالمميز
- ( طريق التطوير )
- عدد المساهمات : 1387
تاريخ التسجيل : 25/02/2013
تاريخ الميلاد : 30/01/1999
المزاج : رايق
نقاط النشاط : 5716
السٌّمعَة : 0
العمر : 25
رد: ما موقف المسلم تجاه اختلاف الفتوى وتعددها؟
30/04/13, 09:07 pm
سلمت آنآملگ آخي آلگريم شگرآ لگ لموضوعگ آلمميز
- ملك الاحساس
- عدد المساهمات : 1502
تاريخ التسجيل : 08/02/2013
تاريخ الميلاد : 18/12/1987
المزاج : رايق
نقاط النشاط : 5975
السٌّمعَة : 0
العمر : 36
رد: ما موقف المسلم تجاه اختلاف الفتوى وتعددها؟
01/05/13, 12:57 am
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَلـ مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَســــنَاك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا وَالْآخــــرَّة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى