هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل
عدد المساهمات : 109
المغرب
ذكر
تاريخ التسجيل : 11/08/2012
تاريخ الميلاد : 01/01/1986
المزاج : calme
نقاط النشاط : 4589
السٌّمعَة : 0
العمر : 38
http://www.gold.keuf.net

قصة :  لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد Empty قصة : لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد

01/12/12, 07:14 pm
قصة :

لحظة دفء


السيد إبراهيم أحمد

... خلت الشوارع الأسفلتية فى قلب المدينة من المارة ..برودة منتصف ليل ديسمبر تشيع فى الأشياء. السيارات تمرق كالسهام يغريها فراغ الأماكن وغياب رجل المرور ، أخذتْ تمشى على عجلةٍ من أمرها بينما كانت تتدثر بمعطف أسود كثيف الفراء ، بيدها حقيبةٍ صغيرة .. أصداء اطارات العربات فى الشوارع الجانبية تصب ف أذنيها . البرودة المتسلقة الى ساقيها العاريتين أحسستها بخطأ تسرعها فى قرارها المتعجل بمغادرة منزلها سريعاً .. سيارة تنسل من جانبها، تعتلى الرصيف . أخذتْ تسير محتمية بالمحلات المغلقة .. يرودة منزلها ساعدتها فى مغادرة كل شىء ، رنين صوته الناعم مازال طنينه بأذنيها : لكِ ما تريدين ، افعلى ما شئتِ .. رفعت يمناها فى ثورة كأنه أمامها ، صوت السيارات ذكرها بالشارع، تهندم غطاء شعرها ..أريده غير هذا ، حتى الآن لم يغزُنى ، بينما صار هو مُبرداً كبيراً ، كل شىء فيه بارد بارد . هكذا كانت تصرخ فى وجه محاولات أمها الفاشلة لتجميله لها وبسعادة ورفاهية ما تعيش فيه .. الأنوار الباهرة حيناً والخافتة تترك أثرها الضعبف على الأرصفة وصفحات الشوارع ، خطواتها تنتقل بسرعة من عامود انارة الى آخر ، رفعت رأسها تستطلع نهاية الشارع ، مايزال الطريق طويلاً بعض الشىء حتى تصل الى الميدان ، نسمة هواء باردة تمر على وجهها وساقيها أشعرتها بحاجتها الأكيدة الى الدفء الذى تشتاقه وتحلم به فى مثل برد هذا الليل القارس .. لكنه ليس ساخناً . هكذا تفوهت رغماً عنها بصوت شبه مسموعٍ لها ، تلفتت حولها فى ذهول ، هزت رأسها مؤكدةً لنفسها بأن أحداً لم يسمعها، نزلت من فوق الرصيف ، ها قد لاحت أضواء الميدان لها بينما الشارع يعلن عن نهايته ، كادت تتنفس الصعداء لولا أن شعور بالرعب يتملكها فجأة . تراه واقفاً فى قلب الميدان تماماً.تجمدت أوصالها ، مازال طربوشه يمتطى صهوة رأسه ، ومايزال منتصباً فى شموخ ، يسراه بجانبه واليمنى تشير سبابتها الى الأرض فى لهجة آمرة حازمة ، يتوسط وجهه عينين ناريتين تحتهما أنف مدبب أشم ، تقدمت نحوه خطيات و قدمها اليمنى تصعد بخوف الرصيف الدائرى للحديقة المحيطة به ، تواصل التقدم بوجل نحو القاعدة التى تحمله . فاجأتها سبابته الآمرة التى سيطرت على بصرها ، فجثت على ركبتيها مرتعدة .تتأمل شاربه الغزير الذى يحتل تقريباً نصف فمه الجميل . غزاها بصوته الجهورى ساخطاً ، بكت .. تلذذتْ ببكائها ، صرخ فى جوانبها صرخة رتبت كل الأشياء بداخلها ، اللمبات الفلورسنتية الصفراء المتوهجة تصب أضوائها العمودية فوق حلته الخضراء الداكنة الجرانيتية . تنسكب على جسدها . تشعرها بدفء طالما تاقت لمثله من زمنٍ بعيد، تتحسس حجراً صلداً مغروساً فى أرض الحديقة شبه المبتل ، تتفرس بركن عينيها تجاعيد وجهه . تلذذت بقسوته . أحست بلطمة عنيفة حينما احتوت نظراتها يده القوية ذات العروق النافرة ، راحت تبكى بكاءاً مُراً ، استعذبت جبروته وضعفها ، واعراضه والحاحها . بدرت منها أنة استعطاف ، لكنه لم يأبه لها ..

برودة العشب الأخضر الذى غافلها وسرى فى ركبتيها ، أعاد الى مسامعها وقع خطوات المارة البعيدة وهدير السيارات التى لا تمنح الميدان ولا صاحبه وقتاًً للراحة والهدوء ، قامت منهكة القوى . أعطته ظهرها ، لم تنظر اليه ؛ تخشى من مجرد النظر اليه ، لا تقوى عليه ، غير انها استجمعت كل شجاعتها وقوتها وأدارت رأسها ونظرت اليه دون أن تحرك كل جسمها .
ما تزال سبابته الآمرة تشير اليها . تبتعد ، غادرت الحديقة ، هبطت الى الشارع البارد فى خطوات متعبةٍ كسولة ، سارت مطرقة الرأس وصوته مازال يملاء جنباتها ، راحت تعدو مسرعةً وصوت كعبها الخشبى يتردد صداه بين فراغات الأبنية الشاهقة ، بينما فرحةٌ غامرة طاغية مجنونة تسود جسدها وقلبها بعد أن ظفرت بلحظة دفء طالما تاقت اليها وتمنتها من زمنٍ بعيــــــــد .....
!! الغامض !!
!! الغامض !!
عدد المساهمات : 2492
الأردن
تاريخ التسجيل : 23/09/2012
تاريخ الميلاد : 20/10/1997
المزاج : رايق
نقاط النشاط : 17349
السٌّمعَة : 0
العمر : 26

قصة :  لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد Empty رد: قصة : لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد

01/12/12, 10:57 pm

شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز

واصل تالقك معنا في المنتدى

بارك الله فيك اخي ...

ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة

لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي
سحابه
سحابه
عدد المساهمات : 198
السعودية
تاريخ التسجيل : 07/12/2012
تاريخ الميلاد : 10/10/1999
المزاج : مبسوطه
نقاط النشاط : 4558
السٌّمعَة : 0
العمر : 24

قصة :  لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد Empty رد: قصة : لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد

07/12/12, 08:31 am
طرح رائع
سلمت يداك
في انتظار ابداعك القادم
لك تحياتي
AdM!n
AdM!n
عدد المساهمات : 1076
الجزائر
تاريخ التسجيل : 28/08/2012
نقاط النشاط : 5498
السٌّمعَة : 0

قصة :  لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد Empty رد: قصة : لحظة دفء السيد إبراهيم أحمد

07/12/12, 02:30 pm
مآ شآء آلله سلمت آيآديگ على موضوگ آلمميز و چعلهآ في ميزآن حسنآتگ
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى